رابطة المصريين league of the egyptian
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

باقي منهج الاصلاح

اذهب الى الأسفل

باقي منهج الاصلاح Empty باقي منهج الاصلاح

مُساهمة  احمد البستاني الإثنين مايو 26, 2008 7:50 am

الفصل الثاني
دور القيم المعنوية والنفسية في المجال التربوي


قال سبحانه وتعالى : (
وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * الاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)(1).
الانسان والمجتمع في تدهور واضطراب وخسران في جميع مقومات الحياة وميادينها ، باستثناء من تكون المفاهيم والقيم الدينية هي الحاكمة على مسيرته وحركته ؛ حيث تحرر تلك القيم الإنسان والمجتمع معاً من جميع العبوديات الفكرية والاجتماعية والتربوية ، وتزرع في الضمير وخلجات النفس وفي الواقع الاستقرار والطمأنينة التي هي أساس الصحة النفسية والخلقية ، وتدفع الى العمل الايجابي البناء في اصلاح وتغيير النفس والمجتمع ، وأساس القيم المعنوية والنفسية الايمان بالله تعالى وباحاطته التامة بالانسان في حركاته وسكناته ، وهو الذي يجعل الضمير طامعاً في ثواب الله ، وخائفاً من غضبه وعقابه.
وأثبتت حركة التاريخ وسننه المتتابعة انّ الابتعاد عن الدين فكراً وسلوكاً هو أساس جميع الوان الانحراف والانحطاط الفردي والاجتماعي ، ابتداءً بفقدان الصحة النفسية والروحية ، وانتهاءً بالممارسات المنحرفة ، ولهذا نجد انّ الانحراف يتزايد في المجتمعات غير الدينية التي لا تؤمن بمفاهيمه أو لا تتبناه منهجاً لها في
____________


الحياة. قال تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)(1).
والضنك هو الضيق في كلّ شيء ، وهو لازم لمن أعرض عن ذكر الله ، والاعراض يبعد القلب عن الهدوء ، والنفس عن الطمأنينة ، ويجعل الانسان يعيش الانفلات من الرقابة الذاتية فلا كابح لشهواته ورغباته ونزواته ، فيكون همّه اشباعها بأيّ طريق أمكن دون النظر الى الآثار الوخيمة المترتبة على ذلك.
وبعد هذه المقدمة نوزّع الفصل على مبحثين :





المبحث الأول : دور القيم المعنوية في
التربية من خلال ارشادات أهل البيت عليهم السلام
[size=16]


القيم المعنوية تشمل : الايمان بالله ، والايمان بالثواب والعقاب ، وذكر الله ، وذكر الموت ، والاعتراف بالذنب ، والاستغفار ، والتوبة ، والرضا بالقضاء. وفيما يلي نستعرضها تباعاً :

1 ـ الايمان بالله تعالى
الانسان مجبول بفطرته على الايمان بالله تعالى ، حيث يبدأ منذ الطفولة بالتساؤل عن نشوئه ونشوء الكون ، وعن العلة من وراء ذلك ، والايمان بالله من (أهم القيم التي يجب غرسها في الطفل... ممّا سوف يعطيه الأمل في الحياة
والاعتماد على الخالق ويوجد عنده الوازع الديني الذي يحميه من اقتراف الآثام)(1).
والايمان بالله حاجة ضرورية ، وفي هذا الصدد قال باسكال : (كل شيء غير الله لا يشفي لنا غليلاً)(2).
ويرى الفيلسوف المعاصر الدوس هكسلي انّه (لا تستريح البشرية حتى يتجرّد الانسان من عوائقه ونزعاته ، ولا يكون متجرّداً إلاّ إذا ارتبط برباط آخر ألا وهو الله)(3).
ويرى عالم النفس السويسري كارل يونج (ان انعدام الشعور الديني يسبب كثيراً من مشاعر القلق والخوف من المستقبل ، والشعور بعدم الأمان ، والنزوع نحو النزعات المادية البحتة ، كما يؤدي إلى فقدان الشعور بمعنى ومغزى هذه الحياة ، ويؤدي ذلك إلى الشعور بالضياع) ، وقد استخدم هذا العالم الدين في علاج كثير من مرضاه النفسيين(4).
وهذه المشاعر وما يرافقها من نزوع نحو النزعات المادية هي أساس الانحراف الفكري والعاطفي والسلوكي وأساس الشرور والآثام ، ولا وقاية إلاّ بالايمان بالله تعالى ، ولا علاج إلاّ بتعميق الايمان في النفوس.والايمان له آثار إيجابية في جميع مقوّمات النفس والحياة ، ومنها : الصحة النفسية والعقلية والخلقية ، ومن أقوال أمير المؤمنين عليه السلام في هذا الصدد :
1 ـ « من عرف الله سبحانه لم يشقَ أبداً ».
2 ـ « التوحيد حياة النفس ».
3 ـ « الإيمان أمان ».
4 ـ « من عدم الفهم عن الله سبحانه لم ينتفع بموعظة واعظٍ ».
5 ـ « بالإيمان يستدلّ على الصالحات »(1).
والايمان بالله تعالى باعث للسلوك القويم ؛ حيث يجعل الخير والصلاح أصيلاً ثابتاً لا عارضاً مزعزعاً ، ومن آثار الايمان على نفس الفرد هي : التفاؤل ، التفتح ، الطمأنينة ، التمتع باللذات المعنوية ، مقاومة الانحراف ، الصبر على المصائب ، التنافس على عمل الصالحات وغيرها من مقومات الاستقامة وحسن السيرة والسريرة.
ومن آثاره الاجتماعية : احترام القوانين والضوابط الاجتماعية ، تقديس العدالة ، الشعور بالاخوة والمحبة بين الافراد ، الثقة المتبادلة ، الاحساس بالمسؤولية الاجتماعية ، التقوى ، الايثار ، نكران الذات ، تقبل النصيحة والنقد البنّاء.
ومن هنا فتعميق الايمان بالله ضروري جداً في تربية الانسان وخصوصاً في مرحلة الطفولة ، وهو وحده الذي يحصنه من الانحراف ويوجه ضميره وارادته وسلوكه نحو الاستقامة والصلاح لايمانه بوجود قوة غيبية تتابعه في حركاته
وسكناته.
والايمان كما جاء في قول الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام : « الإيمان أداء الفرائض واجتناب المحارم ، والايمان هو معرفة بالقلب واقرار باللسان وعمل بالأركان »(1).
والايمان التزام واستشعار للرقابة الآلهية ، قال رجل للاِمام الصادق عليه السلام : أوصني ، فقال له : « لا يراك الله حيث نهاك ، ولا يفقدك حيث أمرك »(2).
فقال الرجل : زدني ، فقال عليه السلام : « ما أجد لك مزيداً »(3).
وقال عليه السلام : « خف الله كأنك تراه ، وإن كنت لا تراه فإنّه يراك »(4).

2 ـ الايمان بالثواب والعقاب
[size=16]الايمان بالثواب والعقاب واستشعاره في العقل والضمير هو الزمام الذي يكبح الشهوات والنزوات ، وهو اكثر ايقاظاً للعقل والقلب والارادة ؛ حين يوجه الكيان الانساني الى اليوم الخالد الذي يقف فيه الانسان أمام من لا تخفى عليه خافية وأمام من يحيط بالانسان والحياة والكون.
والايمان بالحياة الاخرى حافز على اصلاح النفس والضمير ، وحافز للتسامي والارتقاء في جميع مقوّمات الشخصية الانسانية ، ومقومات الحياة الانسانية.
____________
ومن أقوال أمير المؤمنين عليه السلام في هذا المجال :
1 ـ « من أحبّ الدار الباقية لهي عن اللّذات ».
2 ـ « من اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات ».
3 ـ « من خاف العقاب انصرف عن السيئات »(1).
وجعل الآخرة هماً للانسان يسهم مساهمة فعالة في اصلاح النفس واصلاح الضمير واصلاح السلوك ، والتفكير المتواصل بالآخرة يحصن الانسان من المعصية ، وهذه حقيقة ملموسة وواقعية.
قال أمير المؤمنين عليه السلام :
1 ـ « اجعل همك لمعادك تصلح ».
2 ـ « من اكثر من ذكر الآخرة قلّت معصيته »(2).
والايمان بالثواب والعقاب في دار الدنيا يحرك الانسان نحو عمل الخير ويوجهه نحو التكامل ، ويردعه عن الباطل والانحراف ، وقد وردت عدة روايات حول السنن المرتبطة بالثواب والعقاب ، نذكر منها على سبيل المثال : قول الامام محمد الباقر عليه السلام : « صلة الارحام تزكي الأعمال ، وتنمي الأموال ، وتدفع البلوى ، وتيسر الحساب ، وتنسيء في الأجل »(3).
وقال عليه السلام : « ما من نكبة تصيب العبد إلاّ بذنب »(4).
وقال الامام جعفر الصادق عليه السلام : « انّ الذنب يحرم الرزق »(5).
____________


يتبع


____________
[/size]
[/size]
احمد البستاني
احمد البستاني
المشرفون
المشرفون

المساهمات : 43
تاريخ التسجيل : 04/05/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى