رابطة المصريين league of the egyptian
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منهج ( كيف انفع نفسي والاخرون )

اذهب الى الأسفل

منهج ( كيف انفع نفسي والاخرون ) Empty منهج ( كيف انفع نفسي والاخرون )

مُساهمة  احمد البستاني الإثنين مايو 26, 2008 7:46 am

أثر الغرائز في التربية
الغريزة في اللغة هي : الطبيعة والقريحة والسجيّة ، وقال اللحياني : هي الأصل والطبيعة(4).
وفي الاصطلاح هي : استعداد فطري نفسي جسمي يدفع الفرد الى أن يدرك وينتبه الى أشياء من نوع معيّن ، وأن يشعر بانفعال خاص عند إدراكها ، وأن يسلك نحوها مسلكاً خاصاً(5).


والغريزة كما هو المستفاد من معناها أمر مغروز في داخل الذات يتفاعل مع المحيط الخارجي لينطلق نحو الاستجابة والاشباع ، وهي قوة لا نلاحظها مباشرة بل نستنتجها من الاتجاه العام للسلوك الصادر منها في الواقع.
ومن هنا فللغريزة مظاهر ثلاثة : 1 ـ مثير خارجي. 2 ـ سلوك عملي. 3 ـ هدف يراد تحقيقه. وبعبارة اُخرى أنّ الغريزة تتفاعل مع الشعور بمظاهره الثلاثة : الادراك والانفعال والرغبة للتحقيق.
فهي تتفاعل مع المثير الخارجي وتنفعل مع مظاهره المتنوعة ، وتنطلق لتحقيق هدفها وهو الاشباع والارتواء ، وهذا التفاعل والانطلاق هو أمر فطري لا يختلف ولا يتخلف من فرد لآخر ، وأمّا السلوك الصادر عن الغريزة ، فهو أمر تتحكم به ارادة الانسان وما يحمله من متبنيات فكرية وعاطفية وخلقية ؛ من حيث نظرته للكون وللحياة والمجتمع ، فيكون منسجماً معها مطابقاً للأسس والقواعد التي تبناها في رسم منهجه في الحياة ، ولهذا يختلف سلوك الانسان وممارساته العملية اندفاعاً وانكماشاً من انسان لآخر تبعاً لدرجات ايمانه واعتقاده بمتبنياته.
وتتنوع الغرائز بتنوع تركيبة الانسان وكينونته ، فهو جسد وروح ولكلّ منهما وظائفه الخاصة المترتبة على الحاجات الأساسية العضوية والوجدانية في آن واحد.
والتقسيم الثنائي للغرائز يرجعها الى العقل والشهوة ، وهما الأساس الذي تتفرع وتتنوع منهما سائر الغرائز والدوافع والحاجات.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : « انّ الله ركَّب في الملائكة عقلاً بلا شهوة ، وركّب في البهائم شهوة بلا عقل ، وركّب في بني آدم كلتيهما ، فمن غلب عقله


شهوته فهو خير من الملائكة ، ومن غلبت شهوته عقله ، فهو شرّ من البهائم »(1).
ومصطلح الشهوة يطلق على القوة التي تشتهي ، وعلى الأمر المشتهى(2).
فمن العقل تتفرع غريزة التديّن وغريزة التكامل أو حب الكمال ، وغريزة الأمن والاستقرار ، ومن الشهوة تتفرع غريزة الجوع والغريزة الجنسية وبقية الغرائز ذات الطابع الجسماني.
عن الامام جعفر الصادق عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « انّ أول ما عصي الله به ستة أشياء : حبّ الدنيا ، وحب الرئاسة ، وحب الطعام ، وحبّ النوم ، وحب الراحة ، وحب النساء »(3).
وقد أيّد العلم الحديث ما قاله الامام علي عليه السلام في نظرته للانسان حيث انّ المفهوم السائد في هذا العصر (انّ الانسان لا هو حيوان ولا هو من السماء ، ولكنّه بين الاثنين ، وتطوره يعتمد على تمييزه المضبوط لطبيعة إمكاناته المحدودة)(4).
فالانسان في رأي أمير المؤمنين تتجاذبه قوتان : الشهوة والعقل ، وهذه القوى تبكّر لديه في الظهور واليقظة ، وتسرع عنده في النمو والتأثير ، وهي المؤثرة في بنائه الخلقي والنفسي ، فاذا نمت قوة الشهوة وتغلبت على قوة العقل فانّ الانسان سيكون مستسلماً لهواه وملذّاته وسيشبعها دون قيود أو شروط في أجواء المثيرات والمغريات الخارجية الى أن يصبح كالحيوان همّه بطنه وفرجه ، أو يقف الواقع حائلاً دون اشباعها ؛ فيؤدي ذلك الى اختلال التوازن النفسي والانفعالي في كيانه فيصاب بالاضطراب النفسي والروحي ، وإذا غلبت قوة العقل قوة الشهوة ، فإنّ الانسان سيشبعها في وجهها الايجابي ، فهو لا يوقف الشهوة ولا يعطلها بل يوجهها وجهة عقلانية ويقيدها بقيود الشريعة أو يؤجل إشباعها الى ظرفها المناسب المشروع.
ودور العقل هو تعديل الشهوة وتهذيبها واستبدال مثيراتها الطبيعية بمثيرات اخرى تتجه بها الى السمو والكمال ، وتدع بها سلوكها الفطري إلى سلوك فيه النضج والقوة للفرد والصلاح للمجتمع.
والعقل يقدّم التسامي على اللذات الفانية ، ويوجه الانسان الى طاعة ربّه ويقدمها على غيرها.
ويصف الامام محمد الباقر عليه السلام أهل التقوى قائلاً : « أخّروا شهواتهم ولذّاتهم خلفهم ، وقدّموا طاعة ربّهم أمامهم »(1).
فالامام لم يقل : الغوا شهواتهم ولذاتهم أو عطّلوها بل قال : أخّروا ، لأنّ منهج أهل البيت عليهم السلام هو منهج التوازن ، ولهذا نجد انّ أمير المؤمنين عليه السلام يعاتب عاصم ابن زياد حينما لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا فيقول له : « ياعديَّ نفسه لقد استهام بك الخبيث! أما رحمت أهلك وولدك! أترى الله أحلَّ لك الطيّب

وهو يكره أن تأخذها! أنت أهون على الله من ذلك »(1).
ومنهج أهل البيت عليهم السلام يدعو الى أن يكون العقل حاكماً على الشهوات ، لأنّ الانسياق وراء الشهوات يؤدي إلى وقوع الانسان في مهاوي الرذيلة ، ومن آثارها ما ورد في أقوال أمير المؤمنين عليه السلام :
1 ـ قرين الشهوة مريض النفس معلول العقل.
2 ـ غلبة الشهوة تبطل العصمة وتورد الهُلْك.
3 ـ من زادت شهوته قلت مروّته.
4 ـ إنكم ان ملّكتم شهواتكم نزت بكم الى الأشر والغواية(2).
وخلاصة القول : ان غلبة العقل على الشهوة بمعنى تحكمه فيها ، يجعل الانسان في قمة السمو والتكامل ، وإنّ غلبة الشهوة على العقل تجعل الانسان في المستنقع الآسن وفي ركب الطالحين.
قال الامام جعفر الصادق عليه السلام : « لا تدع النفس وهواها ، فإنّ هواها رداها ، وترك النفس وما تهوى أذاها ، وكفّ النفس عمّا تهوى دواها


وللمنهج فصل ثان ( يتبع )
احمد البستاني
احمد البستاني
المشرفون
المشرفون

المساهمات : 43
تاريخ التسجيل : 04/05/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى